يُحتفل بذكراه في نيسان المقبل بإزاحة الستارة عن تمثالٍ له
أنور سلمان... المتميّز بجمالية شعره وغنائيته

راجح نعيم


الراحل أنور سلمان، شاعرٌ لبناني معاصر، يُعَدُّ أحدَ أبرز شعراء العصر الحديث، ويُعتبرُ من أعلام المدرسة الشامية في غنائية الشعر العربي.
بدأ كتابة الشعر باكراً، وانضمَّ إلى حلقة الثريا التي من أركانها: شوقي أبي شقرا، وجورج غانم، وإدمون رزق. له مؤلفات شعرية، صدر منها: إليها، سمَّيته الملك الآتي، بطاقات ملونة لزمنٍ بلا أعياد، أبحث في عينيك عن وطن، حبك ليس طريقي إلى السماء، القصيدة امرأة مستحيلة.
تميَّز شعره بجماليته وغنائيته، ما حدا العديد من المطربات والمطربين على اختيار قصائد من كتبه لغنائها: كفريد الأطرش، فايزة أحمد، ماجدة الرومي، باسكال صقر، سُمية البعلبكي، وائل كفوري، نازك، نور الهدى، وغيرهم. يقول الوزير السابق الأديب إدمون رزق في تقديمه لديوان: مرايا لأحلام مستحيلة الذي صدر بعد رحيل الشاعر المفجع بحادث سيارة. وقد حوى الديوان مئة وأربع قصائد جديدة غير منشورة من قبل.

فجأة رحل أنور، ثم ها هو يعود، على صفحات كتابٍ جديد، يضاف إلى عطاءات سخية، زانت المكتبة اللبنانية، وما برحت تتوهج في مواعيد التصابي، بين غزلٍ، وتأملٍ، عُرْفٍ وعِرْفان، وأحلامٍ مستحيلة... عاشقٌ ولهان، حالمٌ متوحد، مؤتلف، ومختلف، عجولاً على صهوة العواصف حيناً، أو متهادياً على النسائم اللطاف، ينادم، يسامر، يعندل، يختال... وصَّافٌ، رسامٌ دقيق الريشة، إبداعي اللون، يعْبرُ اللحظة، يستعيد الحالة، ويؤبد الرعشة الهاربة....
هنا قصيدة لي في الشاعر، الذي سيحتفل بذكراه في العشرين من نيسان المقبل، وبإزاحة الستارة عن تمثالٍ له في بلدته الرملية - قضاء عاليه:


خَسِرْنا شاعراً فَذاً كبيراً سيبقى الدَهْرَ مذكوراً بكُبْرِ
رقيقاً في معانيهِ، فصيحاً سليمَ المتنِ، مُزداناً بفكرِ
سَمَتْ أَشْعَارُهُ في غيرِ لونٍ وأرقى الشِعْرِ ألواناً، كَزَهْرِ
تُوافيهِ حِسَانٌ ناهِداتٌ بليغاتٌ تراءتْ مِثلَ بدرِ
يناديها، تُلبي صاغِراتٍ وهل في الحبِّ من نأيٍّ وعُذْرِ؟
أميرٌ، أنورٌ، في سَبْكِ معنىً ومبنىً، وازِناً قَدْراً بِقَدْرِ
قديرٌ باهرٌ تَعْنو اللآلي لَهُ طوعاً، بنثْرٍ أو بِشِعْرِ
على الأَحْلامِ أَمْضى العُمْرَ كُلاً عَطَاءً في عَطَاءٍ نَفْحَ عِطْرِ
فَلَمْ يُسْعَدْ برَجْعٍ فيه خيرٌ وباتَ الرَجْعُ في نُكْسٍ وَشَرِّ
هو الإنسانُ يَعْدو كُلَّ يومٍ إلى ما يَرْتَجي مِنْ كُلِّ أَمْرِ
ولكنّا، بنا الأقدارُ تلهو كموجٍ عارمٍ في عَرْضِ بحرِ
سَلامٌ أيها الشِعْرُ المُصَفَّى على منْ كانَ نَوَّاراً كَبَدْرِ
يُعَزِّينا، بذِكراهُ، اعتقادٌ رَسَخْناهُ بإيمانٍ وَصَبْرِ
أَلا مَنْ كانَ ذا شِعْرٍ عظيمٍ وإبداعٍ، جلا في غَيْرِ سطرِ
وأغنى الفنَّ والآدَابَ جَمْعاً بلوحاتٍ من التَّجديدِ زُهْرِ
لماذا هكذا الدُّنيا تُقاضي بلا عَدْلٍ، وتَقْسُو قَسْوَ غَدْرِ
صديقي: لمْ تَعِشْ عمراً مديداًولكنْ قَدْ تَعِش في غيرِ عُمرِ.