مرفأ الذكريات

ضيعتُنا للصيفِ اغنيةٌ،

تمشي على جفني لياليها!

على رُبىً خضراءَ من سفحنا

مسبِّحٌ للنّور شاديها.

هناك... تبدو ضيعتي لوحةً

ألوانها تحكي معانيها

بيوتها... حاراتها... دورُها،

كَمْ طابَ عيشٌ في مغانيها.

منازلٌ... إنْ حلَّ ضيفٌ بها،

كأنّها ليستْ لأهليها!

*

حدائقٌ...

من هزَجَ ألوانها،

قصائدي صاغتْ قوافيها.

حتى على دفاتري أورقَتْ،

وعرَّشَتْ خضر دواليها.

طِيبُ حروفي...

من ندى فجرها،

وعِطْرِ أزهارِ أماسيها.

تحملني الأحلام... ورديَّةً،

إلى دروبٍ كنتُ أمشيها.

منها بدأتُ رحلتي في الهوى،

ولستُ أدري أين أنهيها!

*

في البالِ،

ما زالَ زمانٌ مضى

ذكرى...

على الأشواق أطويها.

يوم المدى في ضيعتي روضةٌ،

ونحنُ أطيارٌ تغنِّيها.

كنّا صغاراً...

يوم كنّا معاً

تمضي، لنلهو في براريها.

هل تذكر الدّروبُ أسماءنا

أم أنَّ شيئاً ليس يعنيها؟

كأنّما...

بعدُ خُطانا رُؤىً

مرسومةٌ فوق حفافيها!

وصوتُ أمي...

بعدُ في مسمعي،

قصيدةٌ رقَّتْ حواشيها.

وجدَّتي... كل حكاياتها

ما زلتُ حتى الآن أرويها

وصُحْبةٌ غابوا،

وأهلٌ مضوا،

أرواحُهم ظلَّتْ تُناجيها.

فإنْ غدوا دماً لهذا الثَّرى،

مَنْ غيرُ أهل الأرض يفديها؟

*

في ذكريات العُمْرِ،

إنْ للصبا

مرافئ طابتْ مراسيها،

فالوردُ أحلاهُ بواكيرُهُ،

وأجملُ الأيام ماضيها!

تلك الرُّبوعُ الخُضْرُ،

مِنْ موطني،

تمشي على جفني لياليها.

إنْ لمْ أُعمِّرْ فوقها منزلاً،

قلوبُ صحبي

منزلي فيها!

ستوكهولم 2003

-أنور سلمان-